الذكري
الستون لثورة يوليو صاحبة الانجازات الاكبر والجدل التاريخي الاكبر، مر ستون عاماً
علي هذا الحدث ومازلنا نتخبط في وصفه هل هو ثورة أم انقلاب؟ هل كانت خيراً كلها أم
شراً كلها ؟ هل كان قائدها رمزاً وطنياً للتحرر والاستقلال وداعماً للفقراء أم كان
ديكتاتوراً مستبداً غاشماً وربما غير مسلم من الاساس ؟
مازالت
مثل هذه الأسئلة وأكثر تدور وتثار حتي الآن وهي ليست بالعادة السيئة بالعكس فهي
عادة صحية علنا نفهم تاريخنا ونتعلم من أخطائنا السابقة لنستطع بناء دولتنا التي
دمرها نظام مبارك ولكن الخطأ هنا هو إنكار التاريخ ومحاولة تشويه ومحو جزء أصيل
ومهم من تاريخنا المصري ازدخم بالانجازات والايجابيات التي تحيا حتي الآن رغم ما
قابلها من محاولات هدم ومحو من قبل الانظمة المتعاقبة.
من حارب
الاقطاع وسعي لاعادة توزيع الارض علي ابناء الوطن؟ من دافع عن حقوق العمال وسعي
لانتزاع هذه الحقوق المهدرة؟ من حقق الاستقلال الحقيقي لمصر المحتلة من القوات
البريطانية واستقلال القرار الوطني عن أي قوي خارجية "وهو أهم ما نعاني منه
الآن" ؟ من رسخ لسياسات التعليم المجاني؟ من بنى اقتصادنا المستقل القوي الذي
جعلنا من أعلي دول العالم الثالث في النمو؟ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون لست في
موضع لذكر انجازات ثورة يوليو وقائدها عبد الناصر فالتاريخ يحكم بيننا.
حدثني
عن الديمقراطية والحريات ، نعم كانت الديمقراطية بعد ثورة يوليو معتلة لكنها لم
تكن في ازهي عصورها قبلها بل كانت في اسوء صور الديمقراطية الشكلية. حدثني عن
التعذيب ، نعم كان موجوداً بعد ثورة يوليو ولا احد ينكره لكنها لم تخترعه ولتبحثوا
عن جرائم التعذيب قبل يوليو "وخاصة ما تعرض له الاخوان المسلمين" وما
كان يفعله البوليس السياسي من جرائم.
بعد ذلك
يظهر علينا من يقول " لاتحتفلوا بثورة يوليو فهي بداية حكم العسكر ! "
"لقد قامت ثورة يناير لتنهي حكم ثورة يوليو" أي منطق تتحدثون به وأي حكم
تطلقوه علي هذه الثورة العظيمة. وما كانت ثورة يناير الا امتداداً لمبادئ ثورة
يوليو من ذا الذي أوجد التناقض بين الاثنين؟ ومن هذا الجاحد القاصر الذي يقرن نظامي
السادات ومبارك بنظام عبد الناصر وبثورة يوليو؟
ما فعله
نظامي السادات ومن بعده مبارك كان أبعد ما يكون عن سياسات يوليو سياسات التحرر
الوطني وسيادة القرار والوحدة العربية والعدالة الاجتماعية، سياسات الحرية
والاشتراكية والوحدة استبدلت بالتبعية والفساد السياسي والاجتماعي وسيطرة رأس
المال علي السلطة والتفاوت الطبقي .
إن
الاحتفال بهذه الثورة ليست جريمة حتي ندعو لمنعها وحكم جماعة الاخوان لن يؤثر علي
ذلك، بل الجريمة الكبري هي تشويه التاريخ ومحاولة هدم وانكار هذه الثورة وما
فعلته، فلتعرض عليها ولتكرهها كما شئت لكن لا تنكرها من تاريخنا.