صباح يوم لم يختلف عن سالفه في شيء يذكر، وقفت في شرفة منزلنا الذي انتقلنا إليه حديثاً بعد أن توقفت عن القراءة قليلا لأشرب كوباً من الشاي مشروبي المفضل عندما أدرت المذياع لاستمع لصوت نجاة الصغيرة.
وجدت أحدهم وقد عمد إلى جمع أشياء متعددة من كومة القمامة التي تقف شامخة متجددة كل يوم كجبل من الثلج، وقد اعتدت رؤيتها منذ أن اختلفت شركة جمع القمامة مع المحافظة وتوقفت عن أداء مهمتها "كالعادة" إلى اشعار آخر.
تأملت الفتي الصغير الذي قتل الفقر براءته وأحالها إلى وحش يريد التهام فريسته دون غيره، وهو يجمع اشياء محددة ويرتبها ويصنفها تصنيفا دقيقاً علي ظهر عربته.
هذه الكومة تحتوي زجاجات بلاستكية وتلك بها مثيلتها المعدنية والاخري بها العلب والصناديق الكرتونية وهذا كذا وتلك كذا ... كلها في النهاية قمامة قرر أصحابها التخلص منها، ولكن جاء هذا الصبي صاحب النصيب ليجد فيها ضالته ورزقه الذي يسعي إليه كل يوم صباحاً كان أم مساءً.
لم أجد حينها اختلافاً كبيراً بين هذه القمامة ومشكلات هذا الوطن، وبين هذا الفتي ومهمة الرئيس المنتخب، فالاثنين لن يفعلوا شيئاً سوي تصنيف وترتيب المخلفات كل حسب نوعه دون أن تتحول إلى شيء ذي قيمة. فهما لا يملكان ذلك القرار ولا يحوزان تلك القدرة التي يمتلكها من هم اعلي مرتبة منهما.
لعلي أري أملاً يشرق لهذه البلاد التي غابت عنها شمس الأمل عنها منذ سنوات، ولعل كوب الشاي قد انتهي وآن لي العودة للقراءة.