يوم عادي جدا ، لم يكن فيه أي مؤشر سيئ ، أو أي نذير شئوم ، يومها عدت إلي بيتي عصرا ، فرأيت ما رأيت ، وسمعت ما سمعت ، وعلمت ما علمت . رأيت أشلاءاً وجثثاَ لأبرياء لا ذنب عليهم قد أقترفوه ، وسمعت صراخاً وبكاءاً من أطفال ونساء لا خطأ لهم قد أرتكبوه ، وعلمت أن أرضا أخري من أراضي العروبة دنستها أسلحة وطائرات العدو الصهيوني .
لقد كان يوم السبت الأسود علي أهل غزة بعدما حُصروا من قبل عدو لا يوجد في قلبه مكان لكلمات تشبه العدل والحق والحرية والرحمة . بعدما صمد أبناء غزة الأشداء أمام الجوع والمرض والظلام ، دك العدو بيوتهم وذبح أطفالهم ونسائهم ، وأحرق كل شيء يحمل معني السلام .
أرتكب أهل غزة أكبر ذنب يمكن أن يرتكب في حق من ليس لهم حق ، وهو الصمود أمام بطش وغدر الصهاينة ، والتمسك بالحياة علي أرض فلسطين العربية ، تلك التي أقام عليها العدو دولته الفاسدة الباطلة ، التي ستزول يوما ما لانها دولة باطل .
أتذكر في يوم السابع والعشرين من ديسمبر " كانون الأول " تخاذل الحكام العرب مع فلسطين ، بحجة أن إسرائيل تحارب حماس لا فلسطين ، تعاونوا بقصد أو بدون قصد مع العدو الصهيوني علي أهل غزة الحرة ، وليس ذلك بجديد عليهم . واستمر نظامنا المصري الحاكم في التعاون والتواطؤ مع الصهاينة من أجل تضييق الحصار علي غزة وهي تحت النار .
أتذكر أيضا الشعب العربي من المحيط إلي الخليج عندما خرج ليندد بالعدوان ويندد بصمت الحكام وتخاذلهم عن نجدة العرب في غزة ، أتذكر عندما أرسلوا المساعدات والإعانات بقدر ما أستطاعوا ، ومعظم تلك المساعدات وجدت تعنت من قبل النظام المصري واستمرار لإغلاق المعبر فعليا ، وليذهب أهل غزة إلا الجحيم ، وليس لهم إلا بارئهم .
أتذكر الصمت الدولي إزاء كارثة إنسانية وحرب إبادة جماعية لا تقل منزلة عن أي واقعة حدثت في الحرب العالمية ، ولا تقل هؤلاء عن تلك المحارق التي يزعم اليهود أنها فُعلت فيهم . هولوكوست جديدة حدثت في غزة ، ولكن لم يحرك أحد ساكنا، وانضمت مذبحة جديدة من مذابح الصهاينة ضد العرب ، انضمت غزة إلي دير ياسين وصابرا وشاتيلا وقانا وغيرها من التاريخ الصهيوني الأسود مع المجازر والمذابح .
مر عامان علي عدوان غزة ، ومازال الحصار مستمرا ، ومازال خطر الإبادة الجماعية يطبق علي سماء غزة ، ومازال العدو الحقير يهدد بحرب اخري علي غزة ، ومازال تخاذل الأنظمة العربية الحاكمة مستمرا . وهل يهتموا أو ينظروا لما يحدث في غزة ، كل ما يشغل بالهم تزوير إرادة شعوبهم ، وقمع حرياتهم ، وسرقة أموالهم أو تبديدها في بطولات وأندية كرة القدم ، وحضور المؤتمرات والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة والموازية .
سنظل في حربنا الدائمة مع العدو الصهيوني ، سنظل في حربنا الدائمة مع حكامنا المتخاذلين ، سنظل في دعمنا الدائم لفلسطين حتي نسترد أرضنا كاملة من النهر إلي البحر ، سأتذكر الآن كلمات الفاجومي أحمد فؤاد نجم التي غناها الشيخ إمام
يا فلسطينية والبندقاني رماكو
بالصهيونية تقتل حمامكو في حداكو
يا فلسطينية وأنا بدي اسافر حداكو
ناري في أيديه وإيديه تنزل معاكو
على راس الحيه وتموت شريعة هولاكو
بالصهيونية تقتل حمامكو في حداكو
يا فلسطينية وأنا بدي اسافر حداكو
ناري في أيديه وإيديه تنزل معاكو
على راس الحيه وتموت شريعة هولاكو
ستموت شريعة هولاكو ، ستموت شريعة الظلم ، ستموت شريعة الصهاينة ، وستحيا أرض غزة رمز العزة ، وستحيا أرض فلسطين حرة .