لا تحلُموا بعالَمٍ سعيدْ
فخلْفَ كلِّ قيصرٍ يموتُ: قيصرٌ جديدْ
فخلْفَ كلِّ قيصرٍ يموتُ: قيصرٌ جديدْ
هكذا قالها أمل دنقل ، وهكذا يفعل شعبنا ، بعدما أسقطنا الديكتاتور حسني مبارك ، يسعي البعض كي يصنع ديكتاتور جديد ينصب نفسه إلها علي هذا الشعب .
نعلم المسئولية الكبيرة التي ألقيت علي عاتق المجلس الأعلي للقوات المسلحة منذ توليه الفترة الإنتقالية لذلك طالبنا منذ البداية بتولي هذه الفترة مجلس رئاسي مكون من مدنيين وعسكريين ، وبغض النظر عن ذلك نحن نكن كل احترام وتقدير وثقة في الجيش المصري وقياداته ، لكن هذه الثقة ليست ثقة عمياء . لقد صنع هذا الشعب العظيم ثورته لا ليستجدي من أحد مطالبه ولكن ليفرض إرادته وشروطه لأنه مانح الشريعة ومصدر السلطات .
كان لشعبنا مطالب محدده تمثلت في الجملة الشهيرة " الشعب يريد إسقاط النظام " فبعد خلع مبارك وحل مجلسي الشعب والشوري وجب إسقاط حكومة وشفيق فورا لانه جزء من النظام الفاسد السابق تغيير الدستور الفاسد المرقع، وحتي الآن لم تتم إقالة حكومة شفيق وأكتفينا بتعديلات دستورية تخص العملية الانتخابية ولا تمس سلطات الرئيس المطلقة التي يمنحها له دستور مبارك .
وظهرت لنا مجموعات من الناس تطالب بأمرين لا مبرر لهما ، الأول يتمثل في إبقاء شفيق في منصبه لأنه " الرجل المناسب في الوقت الغير مناسب " ، والثاني أن نترك المجلس العسكري ليعمل كما يشاء " لأنه يعلم حال البلاد أفضل من الشعب " .
بالنسبة للأمر الأول المتمثل في إبقاء الفريق أحمد شفيق كرئيس للحكومة بحجة انه شخص كفء وله إحترامه وتقديره ولم يكن جزءا من النظام الفاسد ، ما أود أن أعرفه فقط لمن يقتنع بهذا الرأي ، من أين علمت أن هذا الرجل بهذه المواصفات الرائعة علي الرغم من أنه قبل هذا المنصب في وقت قد سقط خلاله شرعية مبارك ؟ وكيف تقولون انه ليس من النظام السابق في حين ان معظم وزراته المشكلة هي من الحزب الوطني ومنصبه كوزير للطيران المدني منذ 2002 وحتي توليه رئاسة الحكومة ؟ وماذا عن قمعه لحرية الاعلام ومنعه لكل من الإعلامي عمرو الليثي ومحمود سعد من الظهور لمجرد التعرض له بالنقد من خلال برامجهم وضيوفهم ؟
الامر الثاني ولا يقل عن الأول استكارا ورفضا وهو رغبة البعض إعطاء المجلس العسكري الثقة العمياء والمطلقة في التصرف بشئون البلاد بحجة أنه أعلم من الشعب وانه يري مالا نراه . إذن لماذا قمنا بالثورة علي نظام الديكتاتور مبارك ؟ لم نقم بالثورة علي النظام المخلوع حتي تأتي لنا جهة فوقية عليا تتحكم في شأن البلاد كما تشأ وليذهب الشعب إلي الجحيم فهم مجموعة من الرعاع الجاهلين . لم نرد التدخل في طريقة عمل المجلس العسكري ولكننا من نقرر مصيرنا بأنفسنا ونعلم مطالبنا التي ثرنا من اجلها ونحن م أعطينا الشرعية والثقة للمجلس العسكري .
الخطورة في طريقة التفكير هذه هو استمرار فئة كبيرة من الشعب في ممارسة هواية صنع الآله مطلقة اليد التي تعلم كل شيء عنا وتفعل الأفضل دائما ، كمثل من يمنع انتقاد علماء الدين أو مناقشتهم وتمثيلهم علي انهم السلطة الدينية التي تعلم كل شيء عن الدين وكلامهما صحيح دائما دون مناقشة أو اعتراض .
الأهم في ثورتنا من إسقاط النظام هو تغيير مفاهيم شعبنا وإعلاء قيم الحرية والديمقراطية والوعي السياسي لدي الجماهير ودحض الفكر الديكتاتوري المتخلف من عقولهم حتي لا يولد قيصر جديد لا يختلف عن سالفه . لا نريد بثورتنا أن يحكمنا فردا جديدا ، نريد أن يحكم الشعب نفسه وليس إلها بشريا من صنعنا .