واخيراً،
قفل باب تقديم أوراق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وانقضى الأمر حتى كتابة هذه
السطور على 23 مرشحاً . وينتهي الجدل الذي أثير حول شروط الترشح التي اعتبرها
البعض ذريعة لكل من علا أو قل شأنه ليتقدم لنيل أرفع منصب في الدولة.
وبعيداً
عن الاسماء التي ترشحت ومناصبها وتاريخها، ومع بالغ احترامي لهم جميعا
"باستثناء الفلول منهم" سأحاول استنباط واستكشاف ماهية رئيس الجمهورية
الذي يريده الشعب، وأريد ان أسلط الضوء علي أبرز نقطة يغفل عنها البعض، ويعتبرها
عنصراُ ثانوياُ أو مكملاُ في شروط ومواصفات من سيصل إلى قصر العروبة ... انها
المطالب الاجتماعية.
المطالب
الاجتماعية التي كانت بمثابة وقود الآلة الثورية ومن أعطت للثورة الزخم الشعبي
المطلوب لاسقاط رأس النظام. وما كانت المطالب السياسية سوى القشرة الخارجية أو
الديكور الذي حال دون وصف ثورة يناير بأنها ثورة جياع أو ما شابه من تلك الأوصاف.
أضف
إلى ذلك كم المقاعد التي استأثر بها
التيار الاسلامي "السلفي منه والاخواني" لم تأت من استغلال الدين
في الدعاية أو من خبرتهم السياسية، ولكن اعتمدت في الاساس على ثقة قطاع عريض من
الشعب في قدرتهم علي تحقيق الحاجات الاساسية للمواطن، الأمر الذي لم يتحقق
حتي الآن لا سيما بعد تفاقم أزمة السولار ومن قبلها أزمة البوتجاز.
واعتماد
الشعب في اختياره لرئيسه القادم علي رغبته في تحقيق مثل هذه المطالب ليس عيبا في
حد ذاته، فإن كنا نرجو حرية حقيقة وديمقراطية سليمة فيجب ان تتحقق علي أساس متين
من العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثورة وتوفير الأمان الاقتصادي والاجتماعي
للمواطن وتحقيق مجانية التعليم الحقيقية، ولن تتحقق الأولى من دون تحقيق الأخيرة.
ولكن
تكمن المشكلة الرئيسية هنا في احتمالية انخداع الشعب في مرشح يبغي منه تحقيق
الاستقرار والأمان الاجتماعي والاقتصادي وهو ابعد ما يكون عن تحقيق أي من هذه
المطالب. فلا يعقل لشعب ثار ضد نظام مستبد فاسد نهب أمواله وسرق موارده، أن يختار
رجلاً كان من اعمدة هذا النظام ومن مصلحته الأولى أن يبقي على هذا النظام سواء كان
هذا الرجل عمر سليمان او أحمد شفيق او حتي عمرو موسي.
ولا
يمكن تصور ثورة قامت ضد حكومة ونظام رجال أعمال، امتصوا دماء شعبنا وبنوا
امبراطورياتهم المالية من مقدرات هذا الشعب، ان تقوم هذه الثورة بتنصيب رجل أعمال
علي رأس الدولة له ما له من شركات واعمال تجارية ومالية، فأي عادلة اجتماعية هذه
قد ترتجى من هذا أو ذاك ؟؟؟
باختصار نريد تحقيق المطلب والهدف الأول من أهداف الثورة، وان لم يتحقق هذا المطلب فلن
تتورع جموع الشعب الكادح عن العودة للشوارع والميادين ولكن هذه المرة لن تتجمل او
تتزين بالمطالب السياسية بل سترفع شعاراً واحداً لن يمنعها عن رفعه سوي الخلاص.
هذا الشعار هو .... "العيش" .