9 سبتمبر 2011 ، يوم لم يمر مرور الكرام ، ترك بصمته وتأثيره في مسار الثورة المصرية ، بدأ بتجمع الآلاف في ميدان التحرير وعدد من ميادين مصر وانتهي بقنابل الغاز المسيلة للدموع وقتلي وجرحي هنا وهناك . تباينت ردود الفعل عن كافة أحداث هذا اليوم ، اختلف من اختلف واتفق من اتفق ، في النهاية يجب أن نعيد النظر في أحداث هذا اليوم بشيء من الهدوء والتمعن حتي نستكمل طريق الثورة إلي نهايته .
الدعوة إلي التظاهر في هذا اليوم قُبلت بالرفض من قبل التيارات الاسلامية وبعض الاحزاب والحجة أشبه بحجة يوم 25 يناير وهي اعطاء الفرصة للسلطة الحاكمة ، مما يعني رفضهم لكل أحداث هذا اليوم . تجمع الشباب والمواطنون في ميادين مصر بالالاف والمئات ، سبق هذا اليوم انتهاكات واضحة للشرطة المصرية أقربها اعتدائهم علي جماهير التراس اهلاوي واتضح فيما بعد أن ما حدث كان انتقاما منهم لموقفهم في الثورة المصرية .
الفئة التي أثرت تأثيرا واضح في هذا اليوم كانت جماهير الالتراس ، تظاهروا امام وزارة الداخلية وفي ميدان التحرير وامام السفارة الصهيونية وحدث ما حدث ، ولكن النقطة المفصلية في هذا اليوم كانت احداث السفارة من تكسير الجدار ومحاولة الاقتحام الذي أعقبها هجوم قوات الامن علي المتظاهرين بكل ما تشتهي الانفس من قوة غاشمة أدت إلي مقتل 3 متظاهرين واصابة المئات . اختلفت ردود الفعل وانقسمت بين مؤيد ومختلف ومعارض بشدة عن اقتحام السفارة الصهيوينة .
دعونا نتحدث عن أحداث الأمس في عدة نقاط :
النقطة الاولي ، اقتحام السفارات ليس بشيء جديد علي العالم وليس بالأمر الجلال ولا يعني اقتحام سفارة دولة اعلان الحرب كما يتصور البعض ، يكفي ذكر ان سفارتي مصر في صنعاء واديس ابابا قد تم اقتحامها من قبل ، وأشهر حادثة اقتحام لسفارة دولة كانت السفارة الامريكية في ايران ولم يعلن جيمي كارتر الحرب علي ايران .
النقطة الثانية ، في القانون الدولي بموجب اتفاقية فينا تلتزم الدول بحماية البعثات الدبلوماسية ، بمعني ان حماية السفارة مسئولية الامن المصري ، والسؤال هنا اين كان الامن قبل محاولة الجماهير الغاضبة والحانقة من السلطة الحاكمة اقتحام السفارة ؟ ان الامر اشبه بمن كان يشكو من انعدام الأمن فينتقد المظاهرات في أيام الثورة الاولي ولا ينتقد الشرطة التي تركت مواقعها وانسحبت !
النقطة الثالثة ، ماذا تنتظرون من شعب قتل 3 من ابنائه علي الحدود برصاص العدو لم يستطع حكامه علي الاقل سحب سفيرهم غير الانفجار في هذا الصنم الذي يراه عنوانا للذل والاهانة ؟؟
النقطة الرابعة ، ان من استشاط غضبا من اقتحام السفارة واخذ يلعن ويسب المتظاهرين وحماقتهم وتهورهم ولم يحرك ساكنا لمقتل ثلاثة متظاهرين منهم اثنين بطلق ناري لا فرق بينه وبين مؤيدي مبارك الذين ساندوه رغم ما تسبب فيه من دماء وشهداء .
النقطة الاخيرة هنا ، ما حدث من حريق لسيارات الشرطة امام السفارة الصهيونية لا يمكن وصفه الا انه رد فعل ، من تابع المشهد امس وفي الساعات الاولي من هذا اليوم من خلال من كان متواجدا امام السفارة سيعلم ان هذا اليوم بدى وكأنه جزءا من يوم 28 يناير ، قنابل الغاز ومدرعات تحاول دهس المتظاهرين ورصاص يطلق من الشرطة ، فلا تعيب علي متظاهري السفارة وانت جالس علي كرسيك وبجوارك مكيف الهواء .
خلاصة القول ان ما حدث بالأمس هو مجرد جرس انذار للمجلس العسكري لما يمكن ان يفعله الشعب الغاضب عندما تتأخر السلطة الحاكمة عن تنفيذ مطالبه المشروعة ، امام المجلس العسكري امرين لا ثالث لهما اما ان ينفذ مطالب الشعب ويحتوي هذا الغضب ويقوم بدوره بحماية الثورة وتنفيذ اهدافها وليس القفز عليها ، واما قمع الشعب والمتظاهرين وعندها لا اعلم ما يمكن ان يحدث في البلاد لكن اتوقع رد فعل من الشعب غاية في التطرف ، اما ان يهدأ ويستكين وينسي ثورته او يحدث اضعاف ما حدث بالامس .
إن من ينوح ويولول كالأم الثكلي عما حدث اقول له اهدأ قليلا وضح الامر في نصابه الصحيح ، وان كان ما حدث بالامس خارج عن القانون فالثورة اساسا هي خروج عن القانون ، لا تلموا الضحية وتتركوا الجلاد يتلذذ بتعذيبها ، ولا يجب ان نجعل ما حدث بالامس ينسينا مطالبنا الثورية الواجبة التنفيذ . وفي النهاية يجب ان نتذكر ان من يستبدلون الحرية بالأمن لا يستحقون ايا منهما .